مفتاحان للتغيير

المفاتيح التي منحنا إياها الإسلام للتمكين من المجابهات والإنتصار في معركة الإتحاد الحضاري واضحة بينة، إنها علي وجه التحديد مفتاحان لا ثالث لهما: التغيير الذاتي علي مستوي النفس، والإعداد الذاتي علي مستوي الجماعة.. وإنهما بتعبير الرسول المعلم عليه السلام: "جهادان" : جهاد أكبر ضد هوي النفس وإنحرافاتها لتحريريها وتمكينها من التزام الصراط..وجهاد أصغر الخصوم والأعداء علي مدي العالم كله لتحريره من الطاغوت وتمكينه من التزام الصراط.
ولقد قالها القرآن الكريم بوضوح لا مزيد عليه.."إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم"، وقوله تعالي: "ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها علي قوم حتي يغيروا ما بأنفسهم".
وفي مقابل عملية التغيير الذاتي هذه ألزمنا المولي تبارك وتعالي بأن نعمل علي التسلح بالاستعداداللازم للجهاد الآخر: القتال علي أرضيةالعالم لتنفيذ كلمة الله في الأرض"1"..وقالها بوضوح لا مزيد عليه: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم".
وثمة سورة كاملة سميت بسورة "الحديد" ولهذا دلالته ولا ريب..ونقرأ إحدي آياتها " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز"، فإذا بها تحمل مؤشرا واضحا علي مدي أهمية خام الحديد وهو واحد من اخطر خامات الأرض لأغراض التسليح.
إن الدولة التي تملك خام الحديد"2" تستطيع كما هو معروف أن ترهب أعداءها كما بما يتيحه لها هذا الخام من مقدرة علي التسلح الثقيل وتستطيع أيضا أن تخطو خطوات واسعة لكي تقف علي مصاف الدول الصناعية العظمي التي يشكل الحديد العمود الفقري لصناعاتها..
ولقد جربنا أن نتسول السلاح من الشرق والغرب وأن نتذلل لهما ونمنحهما الكثير من الحقوق والامتيازات والأموال.. فلم نستطع أن نحقق الإنتصار المرجو لأن الكلمة النهائية في استخدام أكداس السلاح المشتراه ظلت بأيديهم، ولأن القدرة علي مواصلة استخدام هذه الأكداس ظلت بأيديهم أيضا.
أفلم يحن الوقت لكي نتعلم من الخطأ الذي مارسناه مرة ومرتين وثلاثة .... وعشرين، وأن نحذو ولو لمرة حذو أمم مثلنا تمكن أبناؤها بالاعتماد علي انفسهم من تحقيق وجودهم في العالم؟
إنهما مفتاحان للنصر لا ثالث لهما... فهل يكون هذا القرن بداية جادة للدخول بواسطتهما من الأبواب التي ظلت موصدة في وجهنا عشرات السنين ومئاتها؟
أ.د. عماد الدين خليل
مفكر إسلامي - العراق

1- أعتقد أن كلمة الله في الأرض يقصد بها إنتشار الإسلام حيث يقول الله تعالي: "إن الدين عند الله الإسلام"، وقد كانت بعثة النبي عامة أي للناس جميعا إلي قيام الساعة قال تعالي: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" وبعد موته صلي الله عليه وسلم أصبحت وظيفة الأمة هي الدعوة إلي الله وقال تعالي أيضا: "ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم" مما يدل علي أنهم لن يسمحوا لنا بدعوة شعوبهم إلي الإسلام وهنا يفرض الجهاد ليس لإجبارهم علي الإسلام ولكن ليخلوا بيننا وبين شعوبهم وبهذا نكون قد تمكنا من دعوتهم وبعد ذلك لهم الحرية في الإختيار والإعتقاد.
1- أعتقد أن الحديد وحده لا يكفي فها هي دولة موريتانيا أكبر مستخرج لخام الحديد في الوطن العربي ومع تخلفها العلمي تصدر كل إنتاجها خاما من غير تصنيع فالبلعلم تزيد الفائدة وتعم.